كورونا ليس أول وباء يضرب الأرض، وربما لا يكون الأخير، لكن الشاهد أنه هاجم البشر وهم فى قمة تقدمهم العلمى والتكنولوجى، وبينما كان التنافس بين الصين وأمريكا على أشده، وفى اللحظة التى كانت فيها واشنطن تسعى بعد فراغها من فرض بسط نفوذها وسيطرتها على الكثير من بقاع العالم إلى الهيمنة على الفضاء عبر إنشاء قوة فضائية أمريكية جاء هذا الفيروس ليهدد الحياة على الكوكب بأكمله.
كورونا جاء ليفاقم على السطح الخلافات الضخمة بين أمريكا القوة العظمى الأولى فى العالم اليوم، وبين التنين الصينى الصاعد بقوة الصاروخ نحو المنافسة بقوة على اعتلاء عرش الأرض عبر معدلات إنتاج ونمو اقتصادى بالغة الضخامة.
الهجوم الأمريكى على الصين، ومحاولة استغلال الأزمة لتصفية الحسابات مع بكين، وعرقلة مساعيها المتواصلة لمنافسة واشنطن بدأ مبكرا عبر تصريحات ترامب التى ظل يوصف فيها كورونا بالفيروس الأمريكى .
الحرب المتوقعة بسبب كورونا لن تقتصر فى الأغلب على الصين وأمريكا، ويتوقع أن تكون أوروبا مسرحا رئيسيا لها، فى ظل الخلافات العاصفة التى تشهدها القارة العجوز اليوم بسبب التعامل مع الوباء، فإيطاليا تعيش صدمة من رد فعل الاتحاد الأوروربى والذى يرى الإيطاليون أنه تركهم بمفردهم فى قلب الأزمة ورفض مد يد العون لهم.
ولم يتقصر الأمر على هذا فحسب بل شهدنا حربا من نوع جديد لاختطاف الطائرات المحملة بالتجهيزات الطبية، حيث استولت السلطات التركية على طائرة محملة بأجهزة تنفس كانت فى طريقها من الصين إلى إسبانيا، وقالت وزيرة الخارجية الإسبانية جونزاليس لايا، إن الحكومة التركية تحتجز فى أنقرة شحنة من الإمدادات الطبية تم شراؤها من الصين قادمة لإسبانيا منذ السبت الماضي.
الحرب الباردة على المستلزمات الطبية أبرزتها الصحف الفرنسية الأسبوع الماضى، حيث أشارت إلى وكلاء أمريكا المتواجدون فى مطارات الصين، والذين يقومون بدفع الثمن نقدا، وأغلى من أعلى دولة أخرى لتحويل طائرات المستلزمات الطبية إلى بلدهم مباشرة بدلا من المسارات التى كانت معدة لها مسبقا .
لم يفرق كورونا “طاعون العصر” بين دول غنية وأخرى فقيرة، أو بين القارتين الأكثر تقدما أوروبا وأمريكا الشمالية، والقارة المكافحة آسيا والقارة الأكثر شقاء إفريقيا، حيث هاجم الجميع بضراوة من قمة الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب حتى بات على الأرض أكثر من مليون مصاب بداء، ومازال العلماء عاجزين حتى اللحظة عن فك شفرته.
ومع ذلك بدلا من أن يحوله العالم إلى مناسبة للتوحد معا فى مواجهة الخطر، يبدو أن بعض دول العالم مصرة على أن تجعله سببا فى حرب جديدة تدق طبولها اليوم.