د .حسام الامام
اصبح مصطلح ” كيميا ” شائعًا في حياتنا، يستخدمه البعض أحيانًا للإشارة إلى سهولة الأمر وبساطته، ف
يقولون “مش كيميا يعني”.
أحيانًا أخرى يستخدم للدلالة على وجود أو عدم وجود توافق والتقاء بين شخصين أو أمرين، ويقال “مافيش بينهم كيميا “، وفي وسط المتحدثين الرسميين أراها – بالطبع أقصد “ال كيميا “- أمرًا مهمًا وضروريًا، بل وربما السمة الرئيسية التي يمكن أن يتميز بها متحدث عن آخر.
ويقصد بكلمة ” كيميا ” هنا أمور كثيرة تبدأ من “ال كيميا ” بين المتحدث الرسمي وقيادته، ثم “ال كيميا ” بينه وبين زملائه في العمل، وبينه وبين فريق عمله، وبينه وبين القيادات التي سوف يتعامل معها بشكل مباشر لتنسيق الحوارات الصحفية واللقاءات التليفزيونية والإذاعية، وأيضًا للحصول منهم على المعلومات اللازمة لإصدار التصريحات وإعداد البيانات.
ناهيك عن “ال كيميا ” الواجب توافرها بشكل كبير بينه وبين الزملاء الإعلاميين، وأيضًا بينه وبين زملائه المتحدثين الرسميين في الجهات الأخرى، لما قد يتطلبه الأمر من تنسيق وتعاون مشترك في العديد من الأمور. لكن تظل المحطة الأهم في رحلة الشخص ليكون متحدثًا رسميًا ناجحًا، “ال كيميا ” بينه وبين الجمهور سواء المستمع أو المشاهد، والتي لا يغفر له الفشل فيها حتى لو نجح في كل ” كيميا ءاته” السابقة.
بالنسبة لي أرى أن أي شخص يمكن أن يصبح متحدثًا رسميًا، فالظهور أمام الكاميرات والإدلاء بالبيانات في حد ذاته “مش كيميا “، لكن اقتناع المشاهد والمستمع بما يرى ويسمع… تلك هي “ال كيميا ” التي تجعل الشخص يستمر في المتابعة بكل حواسه، أو يغير القناة وينصرف عنها ناقمًا ومستنكرًا.
قد يدل اسم الوظيفة على أن وظيفة المتحدث هي ببساطة “التحدث”، إلا أن الأمر أكبر كثيرًا من أن يكون مجرد كلمات يرددها الشخص؛ لأن المطلوب هو أن تنقل تلك الكلمات أفكار ورسائل المؤسسة إلى الآخرين مغلفة بمشاعر المتحدث التي تولدها قناعته بما يقول، وإلا انعكس ذلك على الحديث وأدركه المشاهد والمستمع فورًا .
تلك الخلطة السحرية بين الأفكار والرسائل والمشاعر لابد أن تظهر بوضوح في كلمات وعبارات المتحدث، وإلا جاء حديثه باردًا جامدًا، فارغًا من المعنى ومفتقرًا للمصداقية.
لقد أتاح لي عملي السابق، كمتحدث رسمي، فرصة التعرف على العديد من المتحدثين الجيدين الذين قد يعجز المقام عن ذكرهم والإشادة بأدائهم؛ لكنني – وأعتذر بشدة لجميع الزملاء الأعزاء – سوف أخص بحديثي الزميل العزيز الأستاذ هاني يونس، المتحدث الرسمي لوزارة الإسكان والمستشار الإعلامي لرئاسة الوزراء، بمناسبة وصفه بأفضل متحدث رسمي لعام 2019 في عدد من استبيانات الرأي.
لم أتردد في كتابة تلك السطور، حيث أرى أن الأخ والزميل هاني يونس قد نجح بأدائه المتميز في رفع الحرج عن كل من يرغب في الإشادة بهذا الأداء، وقبل ذلك فإنه من مميزات عمل المتحدثين الرسميين – في رأيي – أنه لا مجال للتملق ولا المجاملة، فالخطأ لا يمكن إزالته أو إخفاؤه، حيث يراه ويسمعه كل الناس.
أخي العزيز، لقد أنعم الله عليك بالـ ” كيميا ” فأدركت حكمتها وغايتها ووظفتها للنهوض بتلك المهنة الشاقة، دمجت عناصرها في تفاعل متقن، وتمكنت من الربط بين جزيئاتها بصنعة واحترافية فقدمتها كأفضل ما يكون، وتوافرت لديك آليات وفرق العمل بكامل طاقتها فأحسنت استخدامها وأجدت توظيفها.
وجودك الدائم خلف قياداتك في كل موقع، وحضورك المستمر على صفحات التواصل، وتجاوبك وحسن إنصاتك للجميع، وردك السريع على كل التساؤلات وحل المشكلات هي أمور تحسب لك، ويقينًا كانت السبب وراء اختيارك كأحسن متحدث.
وحيث أصفها بمهنة حديثة العهد تبدو ملامحها غير واضحة للبعض، أظنني قد أجد في تفاصيل أدائك ما يمكن أن يساعد في وضع رؤية واضحة وأسس ثابتة وحدود وأصول ومعطيات لنجاح أي متحدث رسمي عنده ” كيميا ” في مهمته.